ضوء القمر من تحت الأرض
|
الرخام القمَري من أقدم وأندر المواد التي استخدمها البشر في إضاءة مبانيهم . والآن قد ظهر جماله من جديد وأصبح القمَري مناسباً للمبنى المعاصر .
منذ ألفي عام ، كانت ألواح شفافة من الرخام القمري تستخدم كوسيلة للإضاءة في قصور العرب . والآن ، قد أحيى الفنان عبد الوهاب الصيرفي هذه المادة العجيبة وأظهر ضوءها الساحر بأشكال جديدة ، تتمثل في مجموعة من النوافذ ومجموعة أخرى من أدوات الإضاءة الداخلية ، كلها فريدة في تصاميمها .
وصف شعراء العرب لوح القمري الشفاف الذي أدخل في السقف الأعلى لقصر ملوك سبأ في صنعاء اليمن . كان هذا اللوح العجيب بداية تراث معماري توارثه المهندسون طوال ألفي عام ، حيث ما زالوا ، حتى ما قبل بضع عشرات من السنين ، يُدخلوا الألواح القمرية المدورة والمربعة والمقوسة في جدران دور اليمن الشامخة الشهيرة ، لتنشر في دواخلها ضوءها الشبيه بضوء القمر . وبسبب هذا الشبه تسمّى الرخام لدى اليمنيين بـ"القمري" . ولكن معظم هذه النوافذ الحجرية استبدلت خلال السنوات الأخيرة بالزجاج المستورد ، وذلك باسم ما يدعى "التحديث" . فاختفى ضوؤها الصافي الساحر وأصبحت تلك الأقمار المستخرجة من تحت الأرض مهددة بالخسوف النهائي .
إلا أن أقمار الأرض تطلع الآن من جديد ، وبأشكال جديدة – نوافذ يجتمع فيها بريق القمري الساحر بلمعة الزجاج الملون الفاخر ، بالإضافة إلى مجموعة من أدوات الإضاءة الداخلية الفريدة في تصاميمها ، أبدعها وصنعها كلّها الفنان عبد الوهاب الصيرفي . كان أجداده أشهر من يعمل القمري في اليمن ، وهو الآن قد أحيى وحده تراثهم ، تراث يعود إلى أيام ملوك سبأ .
تستمد منتجات عبد الوهاب إلهاماتها من قصور الزمن الماضي ، ولكنها تلائم تماماً متطلبات الهندسة المعمارية المعاصرة ، كما تناسب دواخل منازل العصر الحديث ، سواء كان ميل أذواق أصحابها إلى أحدث موضه أم إلى المنظر التقليدي .
تصاميم عبد الوهاب خالية من التكلف ، فتُبرز جمال القمري الطبيعي البلّوري . أما طرق استخراج المادة الخام ومراحل عملها فهي تعتمد على خبرة عميقة ودقة اليد ، لأن القمري مادة لا تخضع للآلات الكهربائية ، فلكل نافذة وكل مصباح مظهر طبيعي فريد .
|
|